الذكاء الاصطناعي ليس وليد اليوم، ولكنه لا يزال في مرحلة مبكرة من التطور، إذ يُشار له في الوقت الحالي باسم "Weak AI" أو الضعيف، وذلك بسبب المصاعب والتحديات التي يواجهها. ولكن هناك مستقبل واعد في انتظاره حينما يصل إلى المرحلة التي تُعرف باسم Artificial SuperIntelligence أو المُشار إليها باسم "الذكاء الفائق". في الواقع الحالي، لا يستطيع artificial intelligence إنجاز إلا عدد محدود جداً من مهام البشر. ولكن في المستقبل من المتوقع ان تزداد عدد هذه المهام. ومع ذلك، سيكون لهذا الإنجاز عواقب إيجابية وسلبية على حد سواء. قبل أن نخوض في تفاصيل مستقبل الذكاء الاصطناعي، يجب أن نعرف بالمقام الأول ما هو تعريفه وما هي المرحلة التي وصل إليها من التطور.
لا يوجد تعريف موحد لمصطلح الذكاء الاصطناعي بسبب تعدد التطبيقات والتقنيات المتفرعة منه. ولكن بعبارات بسيطة يشير إلى قدرة الآلة على تنفيذ بعض المهام دون الاستعانة بالتدخل البشري. إنها عملية محاكاة للذكاء البشري لمنح الروبوتات وأجهزة الكمبيوتر والآلات القدرة على أنجاز المهام والتصرف بشكل مماثل للبشر. هناك أنواع عديدة من الذكاء الاصطناعي ولكن يمكننا تلخيصها في ثلاثة أنواع رئيسية: الذكاء الضيق Narrow AI والذكاء العام General AI والذكاء الخارق/الفائق Super AI. إن المستوى الذي وصل إليه حالياً هو Narrow AI أو كما يُعرف أيضاً باسم Weak AI وذلك بسبب قدراته المحدودة وعدد المهام التي يُمكنه تنفيذها في الوقت الحالي.
نظرتنا للذكاء الاصطناعي منذ 10 سنوات؟
خلال النصف الأول من القرن الماضي، كان مفهوم AI مقتصراً على روايات وأفلام الخيالي العلمي. في مجالات عديدة، من الأدب وصناعة السينما إلى الروبوتات والأجهزة الآلية والعديد من الصناعات والأدوات الأخرى كانت فقط محط أنظار عشاق الخيال العلمي وهذا الأمر كان ملموساً في أفلام مثل I Robot أو EX Machina وغيرها من الأفلام الأخرى. ولكن في النصف الثاني من القرن العشرين، بدأنا نشهد خطوات حاسمة من صناع التكنولوجيا ومحاولات جادة من أجل الارتقاء بتقنيات الذكاء الاصطناعي. وبالفعل، خلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي، بدأنا نرصد قفزة ثورية وتقدم ملحوظ لهذه التقنيات التي هزت المجتمع.
فعلى سبيل المثال عندما تفوق نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بشركة IBM على بطل العالم الروسي للشطرنج في عام 1997 شعرنا أن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيكون واعداً حيث كانت هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يتفوق فيها AI على البشر. في هذه المرحلة، بدأ artificial intelligence ينتقل من مرحلة الخيال العلمي إلى مرحلة التنفيذ في العالم الحقيقي. ولقد لعبت الكميات الضخمة من البيانات والقوة الحوسبية الهائلة للآلات دور كبير في تمكين AI من القدرات التي وصل لها في الوقت الحالي ومكنه من إنجاز المهام التي كانت من المفترض ألا يُمكن تنفيذها بواسطة أداة أو آليات غير البشر.
وسريعاً ما تغلغلت تأثيرات النهضة الحديثة للآلات عالم الإنسان والمجتمعات الحديثة. فتوصلنا إلى أجهزة التعرف على الصوت مثل أمازون أليكسا، وأدوات التوصية بالمحتوى التي تستخدمها خدمات بث الفيديو بناءً على سجل مشاهداتك لاقتراح الأفلام التي قد تتطابق مع تفضيلاتك، وقدرات السيارات ذاتية القيادة. ومع ذلك، نتوقع أن يكون مستقبل الذكاء الاصطناعي واعداً بشكل أكبر وله تأثير ملموساً على المجتمعات خلال السنوات القليلة القادمة وفي مجالات متعددة وأكثر بكثير مما رأيناه حتى الآن.
ما هو تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل البشرية ؟
تسريع عجلة الحياة: إحدى أبرز التغييرات التي سنشهدها خلال السنوات القادمة هي زيادة سرعة ووتيرة العمل مع المؤسسات والشركات الكبرى. جميع المؤسسات والشركات والمنظمات والمرافق الحكومية والخاصة التي تتعامل مع عدد كبير من العملاء والمستهلكين ستبدأ في الإعتماد على هذه التقنيات ضمن أنظمتها الأساسية من أجل المساعدة في اتخاذ القرارات. قد يكون لهذا الأمر تأثير واضح على طريقة الحياة وقد يجعلنا هذا الأمر نعتقد وكأن الحياة تسير بوتيرة متسارعة.
نهاية الخصوصية: واحدة من التأثيرات التي سيتم النظر لها على كونها تأثيرات سلبية هي انتهاء خصوصية البشر. فمن المتوقع أن يتمكن AI في المستقبل من معرفة المزيد من المعلومات عن الإنسان أكثر من المعلومات التي يعرفها الإنسان عن نفسه. على الرغم من أننا كنا نحترم قواعد وقوانين حماية الخصوصية على مدار العقود الماضية، ولكن هذا الأمر كان ولا يزال يشكل حاجزاً أمام مستقبل الذكاء الاصطناعي. يرغب AI في جمع المزيد من البيانات عن البشر لكي يتمكن من تنفيذ المهام بشكل أفضل، وحينما يصل إلى هذه المرحلة من التطور، يمكننا توديع خصوصيتنا وإلى الأبد.
توثيق كتلة قوانين الذكاء الاصطناعي: من المتوقع أيضاً أن تتحول البيئة التنظيمية لعدد كبير من المؤسسات والمنظمات التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى بيئات أكثر تعقيداً وتطوراً في الوقت ذاته. حالياً، تسعى العديد من الحكومات الإقليمية والدولية إلى نشر AI. ولكن لن يكون الأمر جزافاً. فمن المتوقع أن يتم تطبيق قوانين ولوائح وقواعد عديدة حول كيفية استخدام هذه التقنيات وطرق استخدامه والاستفادة منه، سواء للمؤسسات الربحية أو الغير ربحية. وبالفعل، بدأت حكومة الولايات المتحدة في سن قوانين جديدة للذكاء الاصطناعي. وبالتالي، من المتوقع نمو artificial intelligence في بيئة أكثر تعقيداً للممارسات التجارية خلال السنوات القليلة القادمة.
العمل التعاوني بين الذكاء الاصطناعي والإنسان: من المتوقع أن يتشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي لكي يصبح وسيلة متطورة للمنظمات والمؤسسات من أجل تضخيم قدرات ذكاء الإنسان وتعزيز كفاءته وخبراته. بمعنى آخر، سيصبح AI بمثابة شريك للبشر عند محاولة تنفيذ بعض المهام التي سيتم تخصيص هذه التقنيات من أجلها بشكل محدد. يجب أن ندرك حقيقة في غاية الأهمية وهي أن فكرة استبدال الذكاء الاصطناعي للبشر في العديد من الوظائف هي فكرة مستوحاة فقط من أفلام الخيال العلمي ومدفونة بعمق في أنفسنا بسبب تخوفنا من حدوث هذا الأمر. ولكن مستقبل artificial intelligence سيكون مختلفاً على نحو كبير، إذ سيتم اعتباره بمثابة يد العون والشريك المثالي للإنسان من أجل تنفيذ المهام الأكثر تعقيداً.
ما هو شكل مستقبل الذكاء الاصطناعي ؟
التعليم: على جميع مستويات التعليم، وفي مختلف المراحل الدراسية، من المتوقع أن يشهد الذكاء الاصطناعي تحولاً حقيقياً في هذا المجال من أجل توفير محتوى تعليمي راقي ودورات تدريبية مصممة خصيصاً وفقاً لاحتياجات وتخصصات الطلاب بناءً على المرحلة التعليمية. أيضاً سيساعد في تأسيس أسس واستراتيجيات وسيناريوهات مختلفة من البرامج التعليمية المُثلى بناءً على قدرات الطلاب التعليمية ومستوياته الفردية في الذكاء والتفاعل مع المحتوى التعليمي. يُقال أنه بحلول عام 2030، سيكون من المستحيل التعرف على النظام التعليمي القديم أو العثور عليه في أي مؤسسات تعليمية وهي أهم الخطوات الحاسمة في مستقبل الذكاء الاصطناعي في العشرة سنوات القادمة.
الرعاية الصحية: من الوارد جداً أن يصبح artificial intelligence من أهم الأدوات اللازمة للأطباء والمساعدين ليس فقط من أجل تشخيص حالة المرضى ولكن أيضاً من أجل التنبؤ بمستويات تطور حالة المريض. ومن المتوقع أن يكون مستقبل الذكاء الاصطناعي دور ملموس في الرعاية الصحية ومجال الطب وأعمال التشخيص الدقيق. ومع ذلك، بدون أي مجال للشك، سيواجه بعض العقبات نتيجة اللوائح القانونية التي تحمي البشر وكيفية التعامل مع بياناتهم. سيكون لهذا الأمر تأثير واضح على مدى تعقيد الطب والرعاية الصحية وكذلك على تكاليف أعمال ممارسة الطب.
التمويل والأعمال المالية: من المتوقع أن يسمح التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية – إحدى مشتقات وفروع الذكاء الاصطناعي الرئيسية – للبنوك والمؤسسات المالية التفاعل بكفاءة أعلى من العملاء عبر مجموعة مختلفة من نماذج AI. إحدى أهم نماذج الذكاء الاصطناعي في الأعمال المالية والتمويل ستتضمن مراقبة الحالة الائتمانية للعميل واكتشاف عمليات الاحتيال وتوفير الخطط التمويلية المناسبة وتحسين سياسات التأمين للعملاء. بالإضافة إلى ذلك، سيضمن استراتيجيات استثمار أكثر تعقيداً وأكثر تطوراً لكبار المستثمرين ليس فقط من أجل تحسين الأرباح ولكن أيضاً من أجل تسريع إجراءات التنفيذ.
القانون: من المتوقع أن ينخفض عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة خلال الأعوام القليلة القادمة. فعلى سبيل المثال الشركات الناشئة التي كانت في الطبيعي مكونة من عدة أفراد وفي حاجة إلى عدد كبير من المحاميين لإدارة أعمال ومهام الشركة، سيتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تنفيذ نفس المهام دون الحاجة إلى العدد الكبير من استشاريين القانون. ذلك لا يضمن لهم السرعة في تنفيذ الإجراءات فحسب، ولكن أيضاً قد يساعد في خفض التكاليف. بشكل أولي، تستطيع روبوتات الدردشة في الوقت الحالي توفير ملخصات قانونية ومسودات بناءً على بنود العقود. ومن المتوقع أن ينخفض عدد المحاميين خلال السنوات القادمة في الولايات المتحدة بنسبة 25% تقريباً بمجرد اعتماد هذه التقنيات في الشركات الناشئة.
النقل والمواصلات: لا مجال للشك أن مستقبل الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته المزيد من السيارات ذاتية القيادة لكل من الاستخدامات التجارية والشخصية على حد سواء. بدءًا من السيارات الخاصة التي نقودها من أجل التوجه إلى العمل في كل صباح، إلى الشاحنات التجارية الضخمة التي تحمل شحنات البضائع على الطرق السريعة. في حقيقة الأمر، حتى مركبات الفضاء التي تنقل البشر والبضائع إلى القواعد الفضائية ستبدأ في الاعتماد على آلية القيادة الذاتية بشكل أكبر. باختصار شديد، ستكون حركة النقل والمواصلات معتمدة بشكل كبير على artificial intelligence لدرجة قد تجعل من الصعب علينا التمييز بين العصر الحديث والماضي.
يشاهد الزوار الآن:
- ما هو البيتكوين وطريقة الحصول عليه؟
- أشهر الشركات التي تصنع الهواتف.
- ما هي الرامات و انواعها المختلفة.
- انواع منافذ USB واستخدام كل نوع.
- ما هي تقنية NFC وفيما تستخدم ؟.
سيكون للذكاء الاصطناعي تأثيراً أكبر على جميع الصناعات وفي مختلف المجالات. للأسف لا نعلم حتى الآن مما إذا كان هذا الأمر مفيد للجميع أم سيكون له عواقب سلبية أكثر خطورة. ومع ذلك، إن النظرة الأولية لمستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي تُبشر بالخير. هناك بالفعل العديد من المبادرات العلمية من أجل تحسين هذه التقنيات وتعزيز تواجدها في عدد كبير من الصناعات من أجل الارتقاء بالمنتجات ونمو الأعمال التجارية وخلق فرص عمل جديدة. ومن المتوقع أن تستفيد جميع عناصر التكنولوجيا من الثورة الحقيقية للذكاء الاصطناعي في المستقبل. ولكن يبقى السؤال الوحيد الأكثر أهمية هو كيف سيتمكن الإنسان من تسخير المهارة الحقيقية للذكاء الاصطناعي الفائق في المستقبل من أجل خدمة البشرية وتحقيق ما هو أفضل للإنسانية.
